التحذير من الخروج إلى بلاد الشام للجهاد من غير استئذان الوالدين وإمام المسلمين

     الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنام والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد:
فمن المعلوم لدى الجميع ما يجري على ارض الشام من تنكيل بأهل السنة الأبرياء الذين لا ذنب لهم عند الذئاب الرافضية والضباع النصيرية إلا أنهم من أهل السنة ، فتكالبوا عليهم من كل حدب وصوب ، وتداعوا عليهم كما تداع الأكلة على قصعتها ، فلم يتركوا منهم لحما ولا عضما، وغرسوا أنياب الإهانة في عفة نسائهم فتناثر طهرهن على جبين المتخاذلين وسمة عار وذل ومهانة.
وتطاول الرافضة الجبناء فسلوا جام الغضب على المساجد فدمروها تدميرا ، وفجروا براكين الحقد على المصاحف فحرقوها تحريقا ، وداسوا برجل الغل على جثث الأطفال المظلومين ، بعد أن داسوا كرامة المسلمين.
وكل ذلك الضيم والطغيان الذي تقشعر منه الجلود وتأباه الطباع السليمة قوبل من البعض بالتصفيق والتأييد ، ومن آخرين بالشجب والتنديد. ووضع  الرؤوس في تربة الذل والهوان.
وهذا الواقع المرير قاد بعض الغيورين من أهل السنة إلى ساحات القتال الشامية من غير استئذان للوالدين ولا أئمة المسلمين، فلذلك أحببت أن أكتب ورقات في التحذير من ذلك الفعل الخطير ، وببيان ما  اشتمل عليه من محاذير.
فأقول وبالله أستعين:
لقد اشتمل خروج أولئك الغيورين إلى الجهاد في سورية وغيرها من بلاد المسلمين المكلومة على محاذير:

1- منها: أن في ذلك مخالفة للنصوص التي تأمر بالإحسان إلى الوالدين وخفض الجناح لهما كقول الله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} [الإسراء: 23] ، قال الماوردي _رحمه الله تعال_ في: [الحاوي]: (وهذا صحيح، إذا كان للمجاهد أبوان مسلمان لم يكن له أن يجاهد إلا بإذنهما لقول الله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}[الإسراء: 23] فجمع بين طاعته وطاعة الوالدين، ثم قال: {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف} [الإسراء: 23] . يعني: حين ترى منهما الأذى وتميط عنهما القذى، فلا تضجر كما كانا يميطانه عنك صغيرا من غير ضجر، وفي هذا الأف تأويلان:

أحدهما: أنه كل ما غلظ من الكلام وقبح، قاله مقاتل.

والثاني: أنهما كلمة تدل على التبرم والضجر، خرجت مخرج الأصوات المحكية والعرب تقول: أف وتف، والأف في اللغة وسخ الأذن، والتف وسخ الأظفار، {ولا تنهرهما} [الإسراء: 23] . فيه تأويلان:

أحدهما: لا ترد عليهما قولا.

والثاني: لا تنكر منهما فعلا، {وقل لهما قولا كريما} فيه تأويلان:

أحدهما: لينا.

والثاني: حسنا، {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} [الإسراء: 24] . فيه تأويلان:

أحدهما: أنه الخضوع لهما.

والثاني: ترك الاستعلاء عليهما، مأخوذ من علو الطائر بجناحه، والمراد بالرحمة الحنو والشفقة، فدل عموم ما أمر به من طاعتهما على أن يرجع في الجهاد إليهما) اهـ

     وقوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداكلتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} [العنكبوت:8].

2- ومنها: مخالفة ذلك الفعل ومصادمته للنصوص الصحيحة الصريحة في وجوب استئذان الولد لوالديه، كحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: جاء رجل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يستأذنه في الجهاد، فقال: «أحي والداك؟» قال: نعم. قال: «ففيهما فجاهد» . أخرجه البخاري ،

 وحديث معاوية بن جاهمة السلمي، أن جاهمة جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يارسول الله، أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك، فقال: «هل لك من أم» ؟ قال: نعم. قال: «فالزمها؛ فإن الجنة عند رجليها» . أخرجه النسائي ، وحديث عبد الله بن عمرو قال: جاء رجل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: جئت أبايعك على الهجرة، وتركت أبوي يبكيان، قال: «ارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما» . أخرجه أبو داود ، وحديث أبي سعيد الخدري، أن رجلا هاجر إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – من اليمن فقال:

«هل لك أحد باليمن» ؟ فقال: أبواي. قال: «أذنا لك» ؟ قال: لا. قال: فارجع، فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما» رواه أبو داود.

     وبناء على هذه الأحاديث وغيرها قرر الفقهاء والعلماء أن الولد ليس له أن يتطوع بالجهاد إلا بإذن والديه المسلمين الحرين.

     فقال الحسن البصري  -رحمه الله-: (إذا أذنت له أمه في الجهاد، وعلم أن هواها أن يجلس؛ فليجلس) اهـ

     وقال الإمام أحمد –رحمه الله تعالى- كما في مسائله برواية أبي داود: (باب: الغزو لمن له والدان

1511 – سمعت أحمد، سأله رجل، قال: أريد أن أخرج إلى الثغر في تجارة ولي والدة، فتأذن لي في الغزو ؟ فقال: انظر سرورها فيما هو ؟ قال: هي تأذن لي ؟ قال: إن أذنت من غير أن يكون في قلبها لطخ، وإلا فلا تغزو)اهـ

     وقال الماوردي -رحمه الله تعالى- في: [الحاوي]: (مسألة: قال الشافعي: وبإذن أبويه لشفقتهما ورقتهما عليه إذا كانا مسلمين وإن كانا على غير دينه فإنما يجاهد أهل دينهما فلا طاعة لهما عليه قد جاهد ابن عتبة بن ربيعة مع النبي – صلى الله عليه وسلم  – ولست أشك في كراهية أبيه لجهاده مع النبي – صلى الله عليه وسلم  – وجاهد عبد الله بن عبد الله بن أبي مع النبي – صلى الله عليه وسلم  – وأبوه متخلف عن النبي – صلى الله عليه وسلم  –  بأحد يخذل من أطاعه.

 وهذا صحيح، إذا كان للمجاهد أبوان مسلمان لم يكن له أن يجاهد إلا بإذنهما لقول الله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} [الإسراء: 23] فجمع بين طاعته وطاعة الوالدين، ثم قال: {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما: أو كلاهما فلا تقل لهما أف} [الإسراء: 23] . يعني: حين ترى منهما الأذى وتميط عنهما القذى، فلا تضجر كما كانا يميطانه عنك صغيرا من غير ضجر، وفي هذا الأف تأويلان:

أحدهما: أنه كل ما غلظ من الكلام وقبح، قاله مقاتل.

والثاني: أنهما كلمة تدل على التبرم والضجر، خرجت مخرج الأصوات المحكية والعرب تقول: أف وتف، والأف في اللغة وسخ الأذن، والتف وسخ الأظفار، {ولا تنهرهما} [الإسراء: 23] . فيه تأويلان:

أحدهما: لا ترد عليهما قولا.

والثاني: لا تنكر منهما فعلا، {وقل لهما قولا كريما} فيه تأويلان:

أحدهما: لينا.

والثاني: حسنا، {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} [الإسراء: 24] . فيه تأويلان:

أحدهما: أنه الخضوع لهما.

والثاني: ترك الاستعلاء عليهما، مأخوذ من علو الطائر بجناحه، والمراد بالرحمة الحنو والشفقة، فدل عموم ما أمر به من طاعتهما على أن يرجع في الجهاد إليهما) اهـ

     وقال ابن قدامة -رحمه الله تعالى- في: [المغني]: ([مسألة إذا كان المتطوع للجهاد أبواه مسلمين]

(7431) : (وإذا كان أبواه مسلمين، لم يجاهد تطوعا إلا بإذنهما) روي نحو هذا عن عمر، وعثمان. وبه قال مالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وسائر أهل العلم.

وقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: «جاء رجل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله أجاهد ؟ فقال: ألك أبوان ؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد».  وعن ابن عباس، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – مثله، رواه الترمذي. وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية: «فقال: جئت أبايعك على الهجرة، وتركت أبوي يبكيان. قال: ارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما.» وعن أبي سعيد، «أن رجلا هاجر إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: هل لك باليمن أحد؟ قال: نعم، أبواي. قال: أذنا لك؟ قال: لا. قال: فارجع، فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما.» رواهن أبو داود. ولأن بر الوالدين فرض عين، والجهاد فرض كفاية، وفرض العين يقدم) اهـ

     وقال العلامة محمد بن عيسى الأزدي  -رحمه الله تعالى- في: [الإنجاد]: (وأما من له أبوان؛ فإن كانا يضيعان بخروجه إلى الجهاد، فهو إجماع على أن فرض الجهاد ساقط عنه، ذكره أبو محمد بن حزم في «مراتب الإجماع». وإن كانا ممن لا يضيع، فذهب الجمهور إلى أن عليه أن يستأذنهما، فإن أذنا له خرج، وإن أبيا عليه لم يجز له أن يخرج، روي ذلك عن مالك، والأوزاعي، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أهل العلم. قال أبو عمر بن عبد البر: «لا خلاف أعلمه أن الرجل لا يجوز له الغزو ووالداه كارهان، أو أحدهما».

     قلت: ذلك إذا لم يتعين الفرض، مثل أن يفجأ العدو ، فيحتاج إليه في الدفع، ونحو ذلك مما يتعين فيه؛ لأنه ما لم يتعين، يعصي والديه ويعقهما في غير شيء أوجبه الشرع، فذلك حرام عليه، وأما إذا تعين الفرض، فلا يستأذنهما في ترك الفرائض )اهـ

وقال الشوكاني -رحمه الله تعالى- في:[نيل الأوطار]:(قوله: (فإنأذنا فجاهد) فيه دليل على أنه يجب استئذان الأبوين في الجهاد، وبذلك قال الجمهور، وجزموا بتحريم الجهاد إذا منع منه الأبوان أو أحدهما، لأن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية، فإذا تعين الجهاد فلا إذن، ويشهد له ما أخرجه ابن حبان من حديث عبد الله بن عمرو قال: «جاء رجل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فسأله عن أفضل الأعمال؟ قال: الصلاة، قال: ثم مه ؟ قال: الجهاد، قال: فإن لي والدين، فقال: آمرك بوالديك خيرا، فقال: والذي بعثك نبيا لأجاهدن ولأتركنهم قال: فأنت أعلم» وهو محمول على جهاد فرض العين توفيقا بين الحديثين، وهذا بشرط أن يكون الأبوان مسلمين) اهـ

     وقال في مطالب أولي النهى: (ولا يتطوع بجهاد من أحد أبويه (حر مسلم عاقل إلا بإذنه) لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: «جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله أجاهد ؟ فقال: لك أبوان ؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد» وروى البخاري معناه من حديث ابن عمر، ولأن بر الوالدين فرض عين، والجهاد فرض كفاية، فإن كانا رقيقين أو غير مسلمين أو أحدهما كذلك، فلا إذن لفعل الصحابة ولعدم الولاية) اهـ

     قال العلامة الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية  في محاضرة بعنوان (الجهاد) جوابا على سؤال ورد عليه:
السؤال:هل لا بد من الاستئذان من الوالدين للجهاد حيث دار نقاش بيني وبين شخص، فقال: إن الرجل الذي جاء إلى النبِى – صلى الله عليه وسلم – فاستأذنه فى الجهاد، فقال: « أحي والِداك؟ » . قال نعم . قال: «ففيهما فجاهد». لا يوجد لوالديه أبناء غيره، فهل هذا صحيح ؟
الجواب:
ما أدراك أنه لا يوجد لوالديه أبناء غيره، لا بد من استئذان الوالدين؛ لأن جهاد الغزو في حق الأفراد سنة، وطاعة الوالدين واجب وفرض عين، فلا تقدم سنة على فرض عين، لا بد من استئذان الوالدين. اهـ

      هذه بعض النقول التي تدل على ما قررته وإلا فهي كثرة جدا ولا تتسع هذه الورقات لذكرها، لكن قد يقول قائل إن ما ذكرته من أحاديث وكلام أهل العلم في الغزو وجهاد الطلب، وأما صورة القتال  في سورية فهي من باب جهاد الدفع.

    فأقول جوابا عن ذلك من باب التنزل : إن الفقهاء والعلماء قد عللوا تقديم إذن الوالدين بأن طاعتهما فرض عين والجهاد فرض كفاية، ومن المعلوم أن جهاد الدفع يتعين على غير المعذورين من أهل تلك البقعة، فإن لم يكن بهم كفاية وجب على من كان قريبا منهم مد يد النصرة لهم ، وقد صرح قادة الجيش الحر في سورية وبعض المشايخ _حتى من أهل الفكر المنحرف_ أنهم ليسوا بحاجة إلى الرجال، فإن عندهم من الأبطال والشجعان من تقوم بهم الكفاية، وإنما يحتاجون إلى المال والسلاح، فعليه تكون العلة التي علل بها الفقهاء والعلماء موجودة في صورتنا المتنازع فيها ، والقاعدة أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فافهم ، ولا تراوغ مراوغة الثعالب.

(تنبيه): لا يسقط إذن الوالدين إلا إذا تعين القتال، وذلك في صور.

     قال سحنون: ولا أحب لمن له والدان أن ينفر إلا بإذنهما إلا أن ينزل بمكانه من العدو ما لا طاقة لمن حضر بدفعه فلينفر بغير إذنهما، ولو نزل ذلك بساحل بغير موضعه ولا غوث عنهم أو كان الغوث بعيدا منهم فلينفر بغير إذن الأبوين. اهـ

     وقال ابن قدامة _رحمه الله تعالى_ في:[المغني]: ([مسألة الاستجابة إذا خوطب بالجهاد]

(7432) قال وإذا خوطب بالجهاد فلا إذن لهما، وكذلك كل الفرائض، لا طاعة لهما في تركها. يعني إذا وجب عليه الجهاد. لم يعتبر إذن والديه؛ لأنه صار فرض عين وتركه معصية، ولا طاعة لأحد في معصية الله.

وكذلك كل ما وجب مثل الحج، والصلاة في الجماعة والجمع، والسفر، للعلم الواجب. قال الأوزاعي لا طاعة للوالدين في ترك الفرائض والجمع والحج والقتال؛ لأنها عبادة تعينت عليه، فلم يعتبر إذن الأبوين فيها، كالصلاة، ولأن الله تعالى قال: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97] ولم يشترط إذن الوالدين)اهـ

     وقال في الإنجاد: (وقيل للأوزاعي فيمن غزا بإذن والديه، واشترطا عليه أن لا يقاتل، فلقوا العدو، فقال: «لا طاعة للوالدين في ترك الفرائض، والجمع، والحج، والقتال» ، وهذا صحيح كما تقدم؛ وذلك أن القتال يتعين عند لقاء العدو، فلم يكن للوالدين ثم طاعة) اهـ

2-ومنها: أن في ذلك مخالفة لولي الأمر ومنازعة له فيما هو من حقوقه وخصائصه الشرعية.

     وقال الإمام أحمد –رحمه الله تعالى- كما في مسائله من رواية أبي داود: (باب: الغزو بغير إذن

1510 – قلت لأحمد: يذكر الغزو فيخرج الرجل فيبيت في المزرعة مخافة أن يعد الناس، فيكثرون فيمنع بعضهم ؟ قال: لا يفعل، قلت: إذا قال الإمام: لا يغزون أحد من أهل عين زربة ؟ قال: فلا يغزون أحد منها) اهـ

     و في مسائل عبد الله بن الإمام أحمد –رحمهم الله تعالى-: ( سمعت أبي يقول: إذا أذن الإمام للقوم يأتيهم النفير فلا بأس أن يخرجوا.

قلت لأبي: فإن خرجوا بغير إذن الإمام.  قال: لا ، إلا أن يأذن الإمام ، إلا أن يكون يفاجئهم أمر من العدو ولا يمكنهم أن يستأذنوا الإمام فأرجو أن يكون ذلك دفعا من المسلمين) اهـ

     قال سهل بن عبد الله التستري -رحمه الله تعالى- كما نقله عنه القرطبي –رحمه الله تعالى- في تفسيره: (أطيعوا السلطان في سبعة: ضرب الدراهم والدنانير ، والمكاييل والأوزان، والأحكام ، والحج ، والجمعة ، والعيدين والجهاد) اهـ

     وقال الشريف محمد الهاشمي _رحمه الله تعالى_ في: [الإرشاد]: (ولا يخرج أحد للقتال، ولا يبارز إلا بأمر الإمام أو الأمير ، وإن فعل كان عاصيا، ولم يكن له في الغنيمة حق. إلا أن يفجأهم من العدو ما إن تأخروا عن الخروج إليه هلكوا، فيجب ههنا أن يقاتلوه، ولا إذن في هذا المقام لأمير ولا لغيره)اهـ

     وقال إمام الحرمين _رحمه الله تعالى_ في : [الغياث]: (أما الجهاد فموكول إلى الإمام)اهـ

قال في المغني : ([فصل وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده]

(7423) وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك. وينبغي أن يبتدئ بترتيب قوم في أطراف البلاد يكفون من بإزائهم من المشركين، ويأمر بعمل حصونهم، وحفر خنادقهم، وجميع مصالحهم، ويؤمر في كل ناحية أميرا، يقلده أمر الحروب، وتدبير الجهاد)اهـ

     وقال: (ولا يجوز لأحد التخلف، إلا من يحتاج إلى تخلفه لحفظ المكان والأهل والمال، ومن يمنعه الأمير من الخروج، أو من لا قدرة له على الخروج أو القتال؛ وذلك لقول الله تعالى: {انفروا خفافا وثقالا} [التوبة: 41] . وقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إذا استنفرتم فانفروا» . وقد ذم الله تعالى الذين أرادوا الرجوع إلى منازلهم يوم الأحزاب، فقال تعالى: {ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا} [الأحزاب: 13] .

ولأنهم إذا جاء العدو، صار الجهاد عليهم فرض عين فوجب على الجميع، فلم يجز لأحد التخلف عنه، فإذا ثبت هذا، فإنهم لا يخرجون إلا بإذن الأمير؛ لأن أمر الحرب موكول إليه، وهو أعلم بكثرة العدو وقلتهم، ومكامن العدو وكيدهم، فينبغي أن يرجع إلى رأيه، لأنه أحوط للمسلمين؛ إلا أن يتعذر استئذانه لمفاجأة عدوهم لهم، فلا يجب استئذانه، لأن المصلحة تتعين في قتالهم والخروج إليه، لتعين)اهـ

وقال أحمد زروق المالكي _رحمه الله تعالى_ كما في: [مواهب الجليل] : (التوجه للجهاد بغير إذن جماعة المسلمين وسلطانهم فإنه سلم الفتنة ، وقلما اشتغل به أحد فأنجح) اهـ

وقال في غاية المنتهى وشرحه : ((وأمر الجهاد مفوض للإمام واجتهاده) لأنه أعرف بحال الناس، وحال العدو ونكايتهم، وقربهم وبعدهم (ويلزم الرعية طاعته فيما يراه منه) لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59] وقوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه} [النور: 62]) اهـ

و قال في الروض المربع :(الغزو إلا بإذنه، إلا أن يفجأهم عدو يخافون كلبه) بفتح اللام أي شره وأذاه؛ لأن المصلحة تتعين في قتله إذا) اهـ

     وقال التسولي المالكي –رحمه الله تعالى- في:[الأجوبة]: (فالخطاب: في هذه الآيات المتقدمة، وما اشبهها- من قوله تعالى: {وقاتلوا المشركين كافة} – {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار} – {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} 5 أي: شرك- {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم} 6 – {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون} 7 – إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة- إنماهو في ذلك كله: إلى الأئمة، إذ بيدهم الحل والعقد ن فيجب عليهم: أن يجبروا الرعية، وعلى الرعية: أن يمتثلوا- كما تقدم ذلك مبسوطا في فصل الاستنفار من المسألة الثانية.

ولذا قال الفقهاء- كما في الشامل وغيره-: (لا يجوز خروج جيش دون إذن الإمام، وتوليته عليهم من يحفظهم).

وقال الشيخ زروق  – كما في الحطاب-: (التوجه للجهاد بغير إذن الإمام سلم الفتنة، وقل ما اشتغل به أحد فانجح) اهـ.

فأنت: تراهم منعوا جهاد الرعية بغير إذن الإمام الذي يضبط أمرهم، لأنهم: وإن خرجوا بمائة ألف مثلا، فلا يذهبون ببعض الطريق إلا تنازعوا وفشلوا قبل الوصول للمحل، وإن وصلوا لم يحصلوا على طائل- إذ التقدم للحروب لا يكون إلا بضبط وقهر، وكيفية ترتيب- وغير ذلك-.

فإذا كان كذلك: تعين أن يكون الخطاب في تلك الآيات الكريمة، والأحاديث النبوية، إنما هو للإمام، فإن لم يكن إمام تعلق الخطاب بالمسلمين في نصبه، وإقامة أمور الجهاد.) اهـ

     وقال الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في محاضرة مفرغة بعنوان:[الجهاد] جوابا على سؤال ورد عليه:

سؤال:

إذا هاجم العدو أي بلد إسلامي هل يُشْتَرط لجهاد الدفع راية وإمام، أم كلٌّ يجاهد بنفسه دون نفسه وماله وعرضه؟

جواب:

إذا دهم المسلمين عدو مُباغت يخافون مِن سطوته ولا يمكنهم مراجعة الإمام، فإنهم يجاهدونه؛ لأنهم في حكم المأذون لهم في هذه الحالة؛ لأن هذه حالة ضرورة، فيجاهدونه بما يكف شره، أما إذا كان يمكن مراجعة الإمام ومراسلة الإمام، فلا يجوز لهم أن يجاهدوا إلا بإذنه.

وقال في نفس المصدر:

سؤال:

يوجد بعض العلماء ينصحون الشباب بالذهاب للجهاد في العراق، ويقولون: إنه جهاد دفع، ويجوز لكم نصرة المسلمين هناك، فما رأيكم؟

جواب:

أنتم تحت ولاية ولي أمر مسلم في بلاد مسلمة، فلا تطيعوا من يقول لكم اذهبوا أو تعالوا، هذا من صلاحيات ولي الأمر، فلا تطيعون أحدًا في ذلك إلا ولي أمر المسلمين.
وأيضا هذا الفعل فيه مفاسد عظيمة:

1- منها: الإضرار بالجيش الحر، وذلك أن الدول  المتواطئة مع النظام النصيري الخبيث تفتش عن دليل واحد لكي تثبت وجود خلايا إرهابية في صفوف الجيش الحر.

2– ومنها: إحراج ولاة أمورهم مع القوانين الدولية التي فرضها أسود غابة (الضعيف هو الفريسة)، التي رتبوا على مخالفتها عقوبات عظيمة من دك البلاد المخالفة بالقوة العسكرية، وهد اقتصادها بفرض الحصار الاقتصادي عليها، إلى غير ذلك من أنواع العقوبات التي تكسف شمس الحرية في سمائها.

3– ومنها: إحراج الجيش الحر بما تبذله قيادتهم من توفير السلاح والذخيرة، وصرف الجهود لتدريب بعض الملتحقين بهم من الدول الأخرى مع عدم الحاجة لذلك ، لأن بعض من يذهب لم تغبر قدمه من  قبل في ساحات التدريب العسكري، وأيضا السلاح المستعمل عند الجيش الحر قد يكون مختلفا عن السلاح الذي تدرب عليه الملتحق بهم ، وهذا أمر معروف فالأسلحة تختلف فمنها الأمريكي ومنها الروسي ومنها الفرنسي ، ومنها غير ذلك.

     والقاعدة العظيمة التي قررها العلماء: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. فنصرة إخواننا في سورية بالجهاد البدني وإن كان مصلحة ، لكن المفسدة في ذلك الفعل تربو على المصلحة.

وفي الختام أنصح إخواني المسلمين بالرجوع في هذه الأمور العظام ونظائرها إلى أهل العلم الكبار الراسخين، ولا يلتفتوا إلى ما يصرخ به الرويبضة الأصاغر في وسائل الإعلام ، فإن بعضهم قد جمع إلى جهله المركب المتناقضات التي لا تجتمع ولا ترتفع، والمتضادات التي ترتفع ولا تجتمع.
هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله على خير من أرسل وعلى آله وصحبه ومن والاه.

14 thoughts on “التحذير من الخروج إلى بلاد الشام للجهاد من غير استئذان الوالدين وإمام المسلمين

  1. يا فاسد يا مفسد ألم ترى إجتماع كبار أهل السنة والإفتاء في مصر و الذين أقروا أن الجهاد في سوريا فرض عين بالمال وبالنفس على كل مسلم عاقل حر ألم تعلم أن العدو النصيري يريد أن يتحكم في البلاد الإسلامية و أن ذلك يوجب النفير العام والجهاد بدون إذن مخلوق أما علمت أن جهاد الدفع لا يسئأذن فيه مخلوق حسبنا الله ونعم الوكيل ….ومتى كان الشيعة المجوس الكفار حكاما مسلمون حتى يستأذنوا؟؟؟؟؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

    إعجاب

    • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الله يجعلك صالحا مصلحا.
      أولا يا أخي الحمد لله تعالى أنا أعلم من أفتى ، وليس كلهم من العلماء هذا أولا.
      ثانيا: من قال لك أني أرى الرافضة المجرمين حكاما على المسلمين لابد من إذنهم؟!!
      أرجو أن تنظر مقالاتي الكثيرة في الرافضة حتى تعرف رأي فيهم.
      ثالثا: هو جهاد دفع على أهل سورية وهم ليسوا بحاجة للرجال بل للمال، فمن أراد الجهاد في سورية فعليه بالجهاد المالي. ثم أنا متزوج من حمص وأدرى بواقع سورية منك ومن أمثالك.
      رابعا: كبار العلماء في غير مصر يرون أنه لا يجب على غير أهل سورية الجهاد بالنفس.
      فهل نلغي أقوالهم ونعتبرهم فاسدين مفسدين، لكن المصيبة يا اخي عندما يتكلم الواحد بغير علم وأدب.

      اسأل الله أن ينصر أخواننا في سورية نصرا مؤزا ويقمع الرافضة المعتدين أينما كانوا ، وأن يهدي قلبك للحق. هذا والله أعلم.

      إعجاب

    • ما هي علاقة الجواب الذي يتحدث عن الشام و السؤال الذي طرح علي العراق؟ أليس فيه شيء يدب؟

      إعجاب

  2. والله انك ستسال على هذا المقال ولك ن انت على مبدأء خالف تعرف واعلم ان هذا المبدا اذا سرت فيه فسيعرفك الناس بسخافتك الم تعلم ان من وضع الحدود هو الغرب الكافر وانه وجبت عليك مناصرتنا واننا في جهاد الدفع وهو فرض عين على كل مسلم ومسلمة و كبيرا وصغيرا بشرط ان يحمل السلا ( على كل حال لو كانت بلدك محتلة علنا وهي محتلة سر وينكل بكم لما كانت هذه مقالتك يا فاسد ومفسد )

    إعجاب

    • الله يهديك يا أخي الكريم هذا أولا .
      ثانيا: جزمك بأني سوف أحاسب على مقالي يوم القيامة على فرض أني أخطأت فيه هذا من التألي على الله فقد يغفر الله لعبده ولا يحاسبه.
      ثالثا: من قال لك ليست بلدي ، أنا متزوج من حمص الأبية ، ولي مقالات كثيرة في نصرةأخواني أهل السنة في سورية.
      رابعا: أنا قلت ما قاله قادة الجيش الحر والعرعور وغيرهم فهم صرحوا أنهم لا يحتاجون للرجال بل للسلاح ، وأيضا أنظر ماذا فعل داعش ومن معه من غير السورين في الجهاد في سورية .
      خامسا: أتمنى أن لا تتسرع في أحكامك فهذا ظلم عظيم.

      إعجاب

  3. ان العروعور ليس برجل دين حتى تاخذ من قوله انه عميل فاعندما ارى الشباب ياخذون بقول العرعور فانهم بنظري جهلة
    هناك الكثير من العلماء الكبار هم اعلم بحال الامة
    فهذا العرعور امس دخل في دين الاسلام وهو ليس بمسلم انما هو منافق من النافقين الكبار صار بسرع مفتي ياشباب افيقو ورجعو الى رشدكم

    إعجاب

    • الله يصلحك يا صالح ويهديك إلى الرشاد
      هذا أولا ، وثانيا: لا يجوز تكفير المسلم ورميه بالنفاق هكذا من غير بينة.
      ثالثا: أن لم أخذ بكلام العرعور فقط بل بكلام قادة الجيش الحر وغيرهم ، لأنهم أعرف ببلدهم من غيرهم ، وهم يقولون لا يحتاجون إلى الرجال ، وهذا من باب التنزل وإلا أنا مع العلامة الفوزان فيما ذهب إليه.
      رابعا: أنظر إلى الساحة السورية والفتن المتلاطمة التي هاجت أمواجها فأغرقت البلاد بدماء المسلمين. وهذا يكفي لمن كان منصفا.

      إعجاب

  4. سبحان الله
    الجهاد في بلاد المسلمين فرض عين منذ يوم احتلال الشام مايسمى اليوم فلسطين ودفع العدو اليهودي واجب على كل مسلم اضف علية الشيشان كشمير افغانستان باكستان العراق الاحواز نيجريا السودان سوريا الصومال القرم تركستان الشرقية وغيرها من بلاد المسلمين الذي لايمكن حصرها و لا ادري منذ متى جهاد الدفع يستاذن بة الوالدان ؟؟ ان كان هو الشيء الوحيد الذي بة لاتستاذن المراة زوجها ؟؟!! الله المستعان وعلية التكلان اما مايسمى حكومات دولنا فكلهم طواغيت وجب الخروج عليهم لتعطيلهم شرع الله عز وجل وهل منهم من طبق شرع الله ؟؟ الم يعاونوا الغزاة على بلاد المسلمين ؟؟وهل جيوش الصليب تتدرب في اراضينا او لا بموافقة هؤلاء الكلاب الطواغيت ؟؟ فيا كلاب الطواغيت اشرع الله تسيرون علية ام شرع امريكا ؟؟ اتعبدون الله عز وجل او امريكا ؟؟ لاتوجد اعظم مفسدة من تعطيل شرع الله عز وجل ولا يوجد واجب بعد الشهادة باهمية دفع العدو الصائل كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية فلا ادري لماذا تزوير الدين لاجل ارضاء كلاب الطوايت ؟؟اول من يدخل جهنم هل تعرفون من؟؟هم العلماء الفاسدين وتاكدوا من هذة المعلومة بانفسكم

    إعجاب

    • عليكم السلام ورحمة الله وبركاته : أخي الكريم ذكرت كثيرا من الأشياء في كلامك مما هو خلاف ما أمرنا به في الشريعة الغراء ، فأرجو أن تراجع نفسك ، وتترك الفتوى لأهل العلم.
      ثانيا: الحمد لله تعالى لم أكتب لأجل إرضاء أحد من الولاة بل أرجو أن تكون كتاباتي لله تعالى وبيان الحق للناس أمثالك ممن خدعهم الشيطان بمثل هذه الشبه الواهية.

      إعجاب

  5. السلام عليكم ورحمة الله
    اخي هنا المجاهدون اتفقوا على ان الجهاد يجب على كل مسلم فهو فرض عين على كل من يستطيع حمل السلاح

    إعجاب

    • وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

      أولا: العبرة أخي الحبيب بكلام العلماء لا فلان وفلان من المجاهدين.
      ثانيا: الكلام على من كان من غير أهل سوريا.

      إعجاب

أضف تعليق