((الرد المختصر على حاتم العوني))

 

الله الرحمن الرحيم بسم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، كالمبتدعة والمشركين، والزنادقة المكذبين، الذين يصدون عن سبيل الله من آمن به ويبغونها عوجا أولئك في ضلال مبين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين ، وقيوم السموات والأرضين. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين، الذي أكمل الله به الدين، وبلغ البلاغ المبين، فنصح الأمة، وكشف الغمة، وأدى الأمانة، وعبد الله حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فاعلم -رحمك الله- أن مما لهجت ( [1] ) به ألسنة المفترين، وتتابعت عليه أقلام الظالمين، وكثرت فيه الهمشة ( [2] ) ، وعظمت فيه الهمعة ( [3] ) ، أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى- يكفر أكثر المسلمين، مخالفا بذلك سبيل السلف الصالحين، والأئمة المصلحين، ومن قرأ رسائل الشيخ – رحمه الله تعالى – وعرف سيرته، أيقن أن هذه دعوة شوهاء ( [4] ) ، وفرية عوراء ( [5] ) وكلمة زوراء ( [6] ) ، من جنس سجع الكهنة وتمويه السحرة، لكن لكل ساقطة لاقطة، ولكل ناعق تابع، ومن أولئك اللاقطين والتابعين، الذين تلقفوا هذه الشبهة الملعونة، واغتروا بتلك الدعوة المجنونة، فظنوها قضية يقينية، فقاموا على منبر الافتراء ينشرونها بين الدهماء، ( [7] ) ويتألفون بها الغوغاء ( [8] ) ، المدعو حاتما العوني. فارتقى بذلك الفعل القبيح مرتقى صعبا، ورام الجبال الشامخة دكا، فصال صولة يائس، ورمى بنفسه في عرين ( [9] ) خابس ( [10] ) ، فادعى:

(أن الشيخ – رحمه الله تعالى – يطلق الكفر على عموم الناس بمجرد أن هذا هو التوحيد الذي جاء به وأقره) !! ، (وأن الشيخ علم الحق بعد الرأي الذي تبناه لما رأى كفر هذه الأمة !!)، (وأن الشيخ أطلق الكفر على أهل الأمصار أهل الحجاز وأهل اليمن وأهل الشام وأهل مصر) !!، (وأن عامتهم وغالبهم كفار) !!، (وأن عنده تكفيرات بالعموم كثيرة) !! ، ونقل العوني على ذلك نقولا لم يفهمها، وقضايا لم يحققها، فزرعها في غير أرضها، وحشرها في غير مضعها، جهلا وتلبيسا، فطار بها خصوم الشيخ كل مطار، وخدعوا بها كثيرا من العوام. لذلك أحببت أن أكتبت هذا الرد المختصر بيانا لجهله، وفضحا لتلبيسه، لعلى الله أن ينقذ بها من وقع في شراكه. فأقول وبالله أستعين:

الرد عليه في تلك المجازفات والترهات من عدة وجوه:

**************

(الوجه الأول): إذا وازنا بين كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى – وبين كلام العلماء والفقهاء في: (باب حكم المرتد) سنجده متطابقا متآلفا كأنما خرج من مشكاة واحدة، وسيظهر لنا جليا بطلان دعوى حاتم العوني:
(أن الشيخ – رحمه الله تعالى – يطلق الكفر على عموم الناس بمجرد أن هذا هو التوحيد الذي جاء به وأقره ) !! ، وغير ذلك من الدعاوى الباطلة، التي لم يعتمد فيها على نقل مصدق ولا بحث محقق ، بل كذب مزوق ( [11] ) وفهم مبوق (2) .

والدعاوى إن لم يقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء ****

ولنأخذ الناقض الأول والثاني من رسالة (نواقض الإسلام) للشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى – مثالا يدل على صحة ما قررناه.

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى- في: [نواقض الإسلام]: (الأول: الشرك في عبادة الله.

قال تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}. وقال تعالى: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}، ومنه الذبح لغير الله، كمن يذبح للجن أو للقبر) اه.

1- قال القاضي عياض المالكي -رحمه الله تعالى – في: [الشفا: 2/1065]: (والفصل البين في هذا أن كل مقالة صرحت بنفي الربوبية أو الوحدانية أو عبادة أحد غير الله، أو مع الله – فهو كفر، كمقالة الدهرية، وسائر فرق أصحاب الاثنين من الديصانية أو المانوية وأشباههم من الصائبين والنصارى والمجوس، والذين أشركوا بعبادة الأوثان أو الملائكة، أو الشياطين، أو الشمس، أو النجوم أو النار أو أحد غير الله من مشركي العرب، وأهل الهند والصين والسودان وغيرهم ممن لا يرجع إلى كتاب. ) اه.

2- وقال القرافي المالكي -رحمه الله تعالى – في: [الذخيرة: 12/27]: (ولا خلاف في تكفير من نفى الربوبية أو الوحدانية، أو عبد مع الله غيره، أو هو دهري، أو مانوي، أو صابيء، أو حلولي، أو تناسخي، أو من الروافض) اه.

3- وقال النووي -رحمه الله تعالى – في: [روضة الطالبين: 7/284]: (أو عظم صنما بالسجود له، أو التقرب إليه بالذبح باسمه، فكل هذا كفر.) اه. وانظر أيضا كلامه -رحمه الله تعالى- في: [المنهاج: 13/205].

4- وقال ابن حجر الهيتمي – رحمه الله تعالى – في: [الفتح المبين: 313]: (((التارك للإسلام)) بأن يقطعه عمدا أو استهزاء بالدين، ويحصل باطنا باعتقاده ما يوجب الكفر وإن لم يظهره، وظاهرا إما بفعل كالسجود لمخلوق، أو ذبح على اسمه تقربا إليه) اه.

5- وقال صنع الله الحنفي -رحمه الله تعالى – في :. [سيف الله: 81]: (والنذر لغير الله إشراك مع الله، من معصيته فلا أكبر
وفي التنزيل: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به } الآية.
فالنذر لغير الله كالذبح لغيره.

وقال الفقهاء: خمسة لغير الله شرك :. الركوع، والسجود، والذبح، والنذر، واليمين) اه

*******************

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- في: [نواقض الإسلام]: (الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم، كفر إجماعا.) اه.

1- قال البهوتي الحنبلي -رحمه الله تعالى- في: [كشاف القناع: 5/3072]: ((وقال: .. أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم، إجماعا انتهى) أي كفر، لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين : {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى})) اه.

2-وقال الصنعاني -رحمه الله تعالى- في: [تطهير الاعتقاد: 54]: (وكذلك تسمية القبر ((مشهدا))، ومن يعتقدون فيه ((وليا))، لا يخرجه عن اسم ((الصنم))، و (( الوثن))؛ إذ هم معاملون لها معاملة المشركين للأصنام، ويطوفون بهم طواف الحجاج ببيت الله الحرام، ويستلمونهم استلامهم لأركان البيت، ويخاطبون الميت بالكلمات الكفرية، من قولهم: على الله وعليك، ويهتفون بأسمائهم عند الشدائد، ونحوها.

وكل قوم لهم رجل ينادونه، فأهل العراق والهند [يدعون] عبد القادر [الجيلي].

وأهل التهائم لهم في كل بلد ميت، يهتفون باسمه، [يقولون]: ((يا زيلعي))، ((يا ابن العجيل)).

وأهل مكة، و [أهل] الطائف: ((يا ابن العباس)).

وأهل مصر: ((يا رفاعي))، [يا بدوي].

و ((السادة البكرية)).

وأهل الجبال: ((يا أبا طير)).

وأهل اليمن: ((يا ابن علوان)).

وفي كل قرية أموات يهتفون بهم، وينادونهم، ويرجونهم لجلب الخير، ودفع الضر، وهو بعينه فعل المشركين في الأصنام) اه.

وهذه بعض النقول التي تؤكد أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى – كان متبعا لا مبتدعا، ومعتدلا لا غاليا.

**********************

(الوجه الثاني): لقد بين الإمام محمد بن عبد الوهاب – قدس الله روحه ونور ضريحه- عقيدته في رسالة بعثها إلى أهل القصيم ، كما في: [الدرر السنية: 1/29] فقال فيها: (أشهد الله ومن حضرني من الملائكة، وأشهدكم : أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة) إلى أن قال: (ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار، إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكني أرجو للمحسن، وأخاف على المسيء، ولا أكفر أحدا من المسلمين بذنب، ولا أخرجه من دائرة الإسلام) اه.
فهذا النقل من كلام الإمام الورع الصادق ينسف دعوى العوني في يم الحقيقة نسفا .

***********************

(الوجه الثالث): أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى – نفى عن نفسه تكفير المسلمين.
فقال -رحمه الله تعالى- كما في: [الدرر السنية: 1/33]: (فهذه عقيدة وجيزة، حررتها وأنا مشتغل البال، لتطلعوا على ما عندي، والله على ما نقول وكيل.

ثم لا يخفى عليكم: أنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم، قد وصلت إليكم، وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم، والله يعلم أن الرجل افترى علي أمورا لم أقلها، ولم يأت أكثرها على بالي.

فمنها، قوله: إني مبطل كتب المذاهب الأربعة. وإني أقول: إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء، وإني أدعي الاجتهاد. وإني خارج عن التقليد. وإني أقول: إن اختلاف العلماء نقمة، وإني أكفر من توسل بالصالحين. وإني أكفر البوصيري، لقوله: يا أكرم الخلق. وإني أقول: لو أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها، ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها، وجعلت لها ميزابا من خشب، وإني أحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وإني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما، وإني أكفر من حلف بغير الله، وإني أكفر ابن الفارض، وابن عربي، وإني أحرق دلائل الخيرات، وروض الرياحين، وأسميه روض الشياطين.

جوابي عن هذه المسائل، أن أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم. وقبله من بهت محمدا صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى بن مريم ، ويسب الصالحين، فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب، وقول الزور، قال تعالى: {إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون} [النحل: 105] بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول: إن الملائكة، وعيسى، وعزيرا في النار، فأنزل الله في ذلك: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } الآية، [الأنبياء: 101]. وأما المسائل الأخر، وهي: أني أقول لا يتم إسلام الإنسان حتى يعرف معنى لا إله إلا الله ، وأني أعرف من يأتيني بمعناها، وأني أكفر الناذر إذا أراد بنذره التقرب لغير الله ، وأخذ النذر لأجل ذلك، وأن الذبح لغير الله كفر، والذبيحة حرام. فهذه المسائل حق، وأنا قائل بها، ولي عليها دلائل من كلام الله وكلام رسوله، ومن أقوال العلماء المتبعين، كالأئمة الأربعة، وإذا سهل الله تعالى: بسطت الجواب عليها في رسالة مستقلة، إن شاء الله تعالى
ثم اعلموا وتدبروا قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة } [الحجرات: 6]) اه.

وقال – رحمه الله تعالى – في: [نفس المصدر: 1/80]: (فجعلوا قدحهم وعداوتهم، فيما آمر به من التوحيد، وأنهى عنه من الشرك، ولبسوا على العوام: أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس، ونسبوا إلينا أنواع المفتريات، فكبرت الفتنة، وأجلبوا علينا بخيل الشيطان، ورجله.

فمنها: إشاعة البهتان، بما يستحي العاقل أن يحكيه، فضلا عن أن يفترية. ومنها: ما ذكرتم أني أكفر جميع الناس، إلا من اتبعني، وأني أزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، فيا عجبا كيف يدخل هذا في عقل عاقل؟! وهل يقول هذا مسلم إني أبرأ إلى الله من هذا القول، الذي ما يصدر إلا عن مختل العقل، فاقد الإدراك، فقاتل الله أهل الأغراض الباطلة) إلى أن قال: (والحاصل أن ما ذكر عني من الأسباب، غير دعوة الناس إلى التوحيد، والنهي عن الشرك، فكله من البهتان) اه.

*********************

(الوجه الرابع): قال الإمام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ -رحمة الله عليهم- في رسالته التي بعثها إلى عبد العزيز الخطيب : (وقد رأيت: سنة أربع وستين، رجلين من أشباهكم، المارقين، بالأحساء، قد اعتزلا الجمعة والجماعة ، وكفرا من في تلك البلاد من المسلمين، وحجتهم من جنس حجتكم) إلى أن قال: (فرفع إلي أمرهم، فأحضرتهم، وتهددتهم، وأغلظت لهم القول، فزعموا أولا: أنهم على عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن رسائله عندهم، فكشفت شبهتهم، وأدحضت ضلالتهم، بما حضرني في المجلس.
وأخبرتهم ببراءة الشيخ، من هذا المعتقد والمذهب، وأنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله ، من الشرك الأكبر، والكفر بآيات الله ورسله، أو بشيء منها، بعد قيام الحجة، وبلوغها المعتبر، كتكفير من عبد الصالحين، ودعاهم مع الله، وجعلهم أندادا له، فيما يستحقه على خلقه، من العبادات، والإلهية، وهذا: مجمع عليه أهل العلم والإيمان، وكل طائفة من أهل المذاهب المقلدة، يفردون هذه المسألة، بباب عظيم، يذكرون فيه حكمها، وما يوجب الردة ، ويقتضيها، وينصون على الشرك) اه ( [12] ) .

فهذا الإمام عبد اللطيف ابن حفيد الشيخ ووارث علومه، ومحقق دعوته، برأ ساحة جده من الغلو في التكفير، ورد على الخارجيين المارقين، واشتد عليهما، بسبب تكفيرهم للمسلمين بشبه رازمة، ولوازم واهية، وبين أن جده لا يكفر إلا بما أجمع عليه المسلمون، بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر.

ويؤكد ما قرره الإمام عبد اللطيف – نور الله ضريحه – قول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – قدس الله روحه – كما في: [فتاوى ومسائل: 9]: (ولا نقاتل إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم وهو الشهادتان.

وأيضا، نكفره بعد التعريف إذا عرف وأنكر) اه.

فإذا تقرر هذا فإن ما ورد في كلام الشيخ من إطلاقات وإجمالات، لا بد أن تبنى على قاعدة التفصيلات والتقييدات، وأن يلحظ فيها بساط الحال، وأن بعضها تكفير لجماعات وأفراد قامت عليهم الحجة، واستبانت لهم المحجة. وأن الشيخ يقول بفهم الحجة كغيره من أهل السنة والجماعة، ولكنه لا يشترط في فهم الحجة فهم أبي بكر وعمر. أما ما يفعله حاتم العوني من خلط الأوراق وبعثرت الكلام، وعزله عما يتم به، وفصله عن سباقه ولحاقه، فهو سبيل الجاهلين والمنحرفين. وهو متيسر في كلام غير الشيخ من علماء المسلمين.

*********************

(الوجه الخامس): لقد وافق الشيخ محمد بن عبد الوهاب على عقيدته، وتكفير أولئك المسلمين وسفك دمائهم، بعض فقهاء عصره وأئمة مصره، فقد جاء في: [الدرر السنية: 1/314]: (نشهد – ونحن علماء مكة، الواضعون خطوطنا، وأختامنا في هذا الرقيم – أن هذا الدين، الذي قام به الشيخ: محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى، ودعا إليه إمام المسلمين: سعود بن عبد العزيز، من توحيد الله، ونفي الشرك، الذي ذكره في هذا الكتاب، أنه هو الحق، الذي لا شك فيه، ولا ريب، وأن: ما وقع في مكة، والمدينة، سابقا، ومصر، والشام، وغيرهما، من البلاد، إلى الآن، من أنواع الشرك، المذكورة في هذا الكتاب، أنه: الكفر، المبيح للدم، والمال، والموجب للخلود في النار، ومن لم يدخل في هذا الدين، ويعمل به، ويوالي أهله، ويعادي أعداءه، فهو عندنا كافر بالله، واليوم الآخر، وواجب على إمام المسلمين، والمسلمين، جهاده، حتى يتوب إلى الله مما هو عليه، ويعمل بهذا الدين.

أشهد بذلك، وكتبه الفقير إلى الله تعالى: عبد الملك بن عبد المنعم، القلعي، الحنفي، مفتي مكة المكرمة، عفى عنه، وغفر له.

أشهد بذلك، وأنا الفقير إلى الله سبحانه: محمد صالح بن إبراهيم، مفتي الشافعية بمكة، تاب الله عليه.
أشهد بذلك، وأنا الفقير إلى الله تعالى: محمد بن محمد عربي، البناني، مفتي المالكية، بمكة المشرفة، عفا الله عنه، وأصلح شأنه .

أشهد بذلك، وأنا الفقير إلى الله: محمد بن أحمد، المالكي، عفا الله عنه.

أشهد بذلك، وأنا الفقير إلى الله تعالى: محمد بن يحيى، مفتي الحنابلة، بمكة المكرمة، عفى الله عنه آمين.

أشهد بذلك، وأنا الفقير إليه تعالى: عبد الحفيظ بن درويش، العجيمي، عفا الله عنه.

شهد بذلك: زين العابدين جمل الليل. شهد بذلك: علي بن محمد البيتي.

أشهد بذلك، وأنا الفقير إلى الله تعالى: عبد الرحمن جمال، عفا الله عنه.

شهد بذلك، الفقير إلى الله تعالى: بشر بن هاشم الشافعي عفا الله عنه.

الحمد لله رب العالمين، أشهد: أن هذا الدين، الذي قام به الشيخ: محمد بن عبد الوهاب، ودعانا إليه إمام المسلمين: سعود بن عبد العزيز، من توحيد الله عز وجل، ونفي الشريك له، هو الدين الحق، الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ما وقع في مكة والمدينة سابقا، والشام، ومصر، وغيرها من البلدان، من أنواع الشرك، المذكورة في هذا الكتاب، أنه: الكفر، المبيح للدم، والمال، وكل من لم يدخل في هذا الدين، ويعمل بمقتضاه، كما ذكر في هذا الكتاب، فهو كافر بالله، واليوم الآخر، وكتبه: الشريف غالب بن مساعد، غفر الله له آمين، الشريف: غالب.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

ما حرر في هذا الجواب، من بديع النطق، وفصل الخطاب، وما فيه من الأدلة الصحيحة الصريحة، المستنبطة من الكتاب المبين، وسنة سيد المرسلين، نشهد: بذلك، ونعتقده، ونحن: علماء المدينة المنورة، وندين الله به، ونسأله تعالى الموت عليه.

ونقول: الحمد لله رب العالمين، نشهد بأن هذا الذي قام به الشيخ: محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله، ودعانا إليه إمام المسلمين: سعود بن عبد العزيز، من توحيد الله عز وجل، ونفي الشرك، هو الدين الحق، الذي لا شك فيه ، ولا ريب، وأن ما وقع في: مكة والمدينة سابقا، والشام، ومصر، وغيرها، من البلدان، إلى الآن، من أنواع الشرك المذكورة، في هذا الكتاب، أنها: الكفر المبيح للدم، والمال، وكل: من لم يدخل في هذا الدين ، ويعمل به، ويعتقده، كما ذكر الإمام في هذا الكتاب، فهو كافر بالله واليوم الآخر، والواجب على: إمام المسلمين، وكافة المسلمين، القيام بفرض الجهاد، وقتال: أهل الشرك والعناد
وكل: من خالف ما في هذا الكتاب، من أهل مصر، والشام، والعراق، وكل من كان على دينهم، الذي هم عليه الآن، فهو كافر مشرك  ( [13] ) من موقعه، ويمكنه في ذلك، وإزالة ما عليه من الشرك والبدع، وأن  ( [14] ) ويجعل رايته بالنصر خافقة، إنه سميع مجيب، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
أشهد بذلك، وأنا الفقير   ( [15] ) بن حسين   ( [16] ) بالروضة الشريفة.

وكتبه الفقير إليه عز شأنه: محمد صالح رضوان، شهد بذلك، وكتبه: محمد بن إسماعيل، كتبه الفقير إلى الله عز شأنه:     ( [17] ) حسن      ( [18] ) وعليه ختمهم) اه.

1-قال ابن غنام -رحمه الله تعالى – في: [تاريخ نجد: 136]: (فلما وصل الشيخ عبد العزيز الحصين نزل على الشريف الملقب بالفعر، واجتمع هو وبعض علماء مكة عنده، وهم: يحيى بن صالح الحنفي، وعبد الوهاب بن حسن . التركي- مفتي السلطان، وعبد الغني بن هلال وتفاوضوا في ثلاث مسائل وقعت المناظرة فيها، الأولى: ما نسب إلينا من التكفير بالعموم والثانية: هدم القباب التي على القبور والثالثة: إنكار دعوة الصالحين للشفاعة.

فذكر لهم الشيخ عبد العزيز أن نسبة التكفير بالعموم إلينا زور وبهتان علينا . وأما هدم القباب التي على القبور فهو الحق والصواب ، كما هو وارد في كثير من الكتب، وليس لدى العلماء فيه شك.
وأما دعوة الصالحين وطلب الشفاعة منهم والاستغاثة بهم في النوازل ، فقد نص عليه الأئمة العلماء، وقرروا أنه من الشرك الذي فعله القدماء، ولا يجادل في جوازه إلا كل ملحد أو جاهل.

فأحضروا كتب الحنابلة فوجدوا أن الأمر على ما ذكر، فاقتنعوا، واعترفوا بأن هذا دين الله، وقالوا: هذا مذهب الإمام المعظم.

وانصرف عنهم الشيخ عبد العزيز مبجلا معززا.) اه.

*********************

(الوجه السادس): قال العلامة محمود شكري الألوسي -رحمه الله تعالى- في : [تاريخ نجد: 80]: (ونقص عليك شيئا من سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، ونذكر طرفا من أخباره وأحواله، ليعلم الناظر فيه حقيقة أمره، فلا يروج عليه تشنيع من استحوذ عليه الشيطان وأغواه، وبالغ في كفره واستهواه، فنقول:
قد عرف واشتهر واستفاض من تقارير الشيخ ومراسلاته ومصنفاته المسموعة المقروءة عليه ، وما ثبت بخطه، وعرف واشتهر من أمر دعوته، وما عليه الفضلاء والنبلاء من أصحابه وتلامذته، أنه على ما كان عليه السلف الصالح، وأئمة الدين أهل الفقه والفتوى) إلى أن قال في: [نفس المصدر: 86]: (ويوالي كافة أهل الإسلام وعلمائهم: من أهل الحديث والفقه والتفسير، وأهل الزهد والعبادة، ويرى المنع من الانفراد عن أئمة الدين من السلف الماضين برأي مبتدع، وقول مخترع، فلا يحدث في الدين ما ليس له أصل يتبع وما ليس من أقوال أهل العلم والأثر ، ويؤمن بما نطق به الكتاب، وصحت به الأخبار، وجاء الوعيد عليه: من تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، ولا يبيح من ذلك إلا ما أباحه الشرع وأهدره الرسول، ومن نسب إليه خلاف هذا فقد كذب وافترى وقال ما ليس له به علم ، وسيجزيه الله ما وعد به أمثاله المفترين) اه.

وقال – رحمه الله تعالى – في: [نفس المصدر: 87]: (وقد قرر رحمه الله تعالى على شهادة أن محمدا رسول الله من بيان ما تستلزمه هذه الشهادة، وتستوعبه وتقتضيه من تجريد المتابعة، والقيام بالحقوق النبوية من الحب والتوقير، والنصرة والمتابعة والطاعة ، وتقديم سنته صلى الله عليه وسلم على كل سنة وقول، والوقوف معها حيثما وقفت، والانتهاء حيث انتهت في أصول الدين وفروعه، باطنه وظاهره، وخفيه وجليه، كليه وجزئيه، ما ظهر به فضله، وتأكد علمه ونبله، وأنه سباق غايات، وصاحب آيات، لا يشق غباره، ولا تدرك في البحث والافادة آثاره وأن أعداءه ومنازعيه، وخصومه في الفضل وشانيه، يصدق عليهم المثل السائر، بين أهل المحابر والدفاتر:

اذ لم حسدوا الفتى ينالوا سعيه فالناس أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها -حسدا وبغيا- إنه وولذميم

وله رحمه الله تعالى من المناقب والمآثر ما لا يخفى [على] أهل الفضائل والبصائر. . ومما اختصه الله به من الكرامة تسلط أعداء الدين وخصوم عباد الله المؤمنين، على مسبته، والتعرض لبهته وعيبه) إلى أن قال: (وما حكيناه عن الشيخ حكاه أهل المقالات عن أهل السنة والجماعة مجملا ومفصلا) اه.

فهذا العلامة الألوسي – رحمه الله تعالى – أثنى على الشيخ وصدع بالحق فيه، وبرأ ساحته من التكفير بغير مكفر، وتكفير المسلمين، وذكر أن ما حكاه عن الشيخ – رحمه الله تعالى -. هو ما حكاه أهل المقالات عن أهل السنة والجماعة مجملا ومفصلا
وقد وافق الألوسي – رحمه الله تعالى – على ما قرره غيره من العلماء الأعلام والأدباء الكرام . أفنترك كلام الجهابذة، الذين خبروا دعوة الشيخ وعرفوا سيرته، إلى كلام حاتم العوني؟!
**********************

(الوجه السابع): أن يقال بعد تلك الوجوه الماضية:

من هم المسلمون الذين كفرهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى -؟!

والجواب: إن المسلمين الذين يتباكى حاتم العوني على تكفيرهم بكاء الحمام على هديل نوح، هم القبورية الذين أعلوا منار المشاهد التي:

أعادوا بها معنى سواع ومثله يغوث وود بئس ذلك من ود

1-قال العلامة الشوكاني -رحمه الله تعالى- في: [نيل الأوطار: 5/164]: (ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولا أوليا: القبب والمشاهد المعمورة على القبور، وأيضا هو من اتخاذ القبور مساجد، وقد لعن النبي -صلى الله عليه سلم- فاعل ذلك كما سيأتي.

وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام، منها: اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام، وعظم ذلك، فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضر، فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم، وشدوا إليها الرحال، وتمسحوا بها، واستغاثوا.

وبالجملة: إنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا تجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف لا عالما ولا متعلما، ولا أميرا ولا وزيرا ولا ملكا.

وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرا من هؤلاء المقبورين ( [19] ) أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرا ، فإذا قيل له بعد ذلك:

احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني، تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحق. وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال : إنه واثنين ثاني تعالى وآو ثالث ثلاثة
فيا علماء الدين، ويا ملوك المسلمين، أي رزء للإسلام أشد من الكفر، وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله ؟! وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟ وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجبا :

لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو نارا نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد) اه.

2-وقال ابن غنام -رحمه الله تعالى- في: [تاريخ نجد: 13]: (كان أكثر المسلمين – في مطلع القرن الثاني عشر الهجري – قد ارتكسوا في الشرك، وارتدوا إلى الجاهلية، وانطفأ في نفوسهم نور الهدى، لغلبة الجهل عليهم، واستعلاء ذوي الأهواء والضلال فنبذوا كتاب الله تعالى وراء ظهورهم ، واتبعوا ما وجدوا عليه آباءهم من الضلالة، وقد ظنوا أن آباءهم أدرى بالحق، وأعلم بطريق الصواب.
فعدلوا إلى عبادة الأولياء والصالحين: أمواتهم وأحيائهم، يستغيثون بهم في النوازل والحوادث، ويستعينونهم على قضاء الحاجات وتفريج الشدائد بل إن كثيرا منهم كان يرى في الجمادات : كالأحجار والأشجار، القدرة على تقديم النفع ودفع الضرر، وقد زين لهم الشيطان أنهم ينالون بذلك ثوابا لتقربهم به إلى الله عز وجل .

وظلوا يعكفون على أوثانهم تلك حتى صدق فيهم قوله تعالى {نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}. وأحدثوا من الكفر والفجور، والشرك بعبادة أهل القبور، وصرف النذور إليهم، والابتهال بالدعاء لهم _ ما زادوا به على أهل الجاهلية، فشرع لهم شياطينهم {من الدين ما لم يأذن به الله} وجعلوا لغيره -عز وجل- ما لا يجوز صرفه إلا إليه. ) اه.

3-وقال ابن بدران الدمشقي -رحمه الله تعالى- في: [روضة الأرواح: 121]: (وهم يرقصون ويدورون، فإذا وقع نظرهم على أستاذهم ركعوا له، والباقون يلحدون في أسماء الله تعالى.

ومنهم من إذا زار قبر من يعتقد أنه ولي، سجد له كسجود الصلاة. ويعتقدون أن كل ذلك ذكر وعبادة يثابون عليها، وأن من أنكر عليهم متلف لدينه خارج عن أهل السنة والجماعة، منكر كرامات الأولياء، مبغض للنبي -صلى الله عليه وسلم-.

وقد زين الشيطان لهؤلاء أعمالهم فتبعهم أتباع كل ناعق، فأمدوهم بالمال، وناضلوا عنهم بالسفاهة والشتم والتكفير والأذى، فلعمري إن هؤلاء وأمثالهم أضر على الأمة الإسلامية من اليهود والنصارى؛ لأن هؤلاء إن جادلتهم جادلوك عن علم، والمبشرون منهم يبذلون الأموال الطائلة، ثم هم يرجعون بخفي حنين.

وأما أولئك فقد فتنوا أكثر المؤمنين والمؤمنات، ومن أنكر عليهم أجابوه بالسب والشتم، وسلطوا عليه أشقياء العوام، ينالونه بكل مكروه، فلا حول ولا قوة إلا بالله.) اه.

4-وقال الأديب المنفلوطي -رحمه الله تعالى- في: [النظرات: 2/94]: (أي عين يجمل بها أن تستبقي في محاجرها قطرة واحدة من الدمع فلا تريقها أمام هذا المنظر المؤثر المحزن منظر أولئك المسلمين وهم ركع سجد على أعتاب قبر ربما كان بينهم من هو خير من ساكنه في حياته ، فأحرى أن يكون كذلك بعد مماته!
أي قلب يستطيع أن يستقر بين جنبي صاحبه ساعة واحدة فلا يطير جزعا حينما يرى المسلمين أصحاب دين التوحيد أكثر من المشركين إشراكا بالله ، وأوسعهم دائرة في تعدد الآلهة وكثرة المعبودات!
لم ينقم المسلمون التثليث من المسيحين، ولم يحملون لهم في صدورهم تلك الموجدة وذلك الضغن ، وعلام يحاربونهم، وفيم يقاتلونهم، وهم لم يبلغوا من الشرك بالله مبلغهم، ولم يغرقوا فيه إغراقهم ؟؟
يدين المسيحون بآلهة ثلاثة، ولكنهم يشعرون بغرابة هذا التعدد، وبعده عن العقل، فيتأولون فيه ويقولون إن الثلاثة في حكم الواحد، أما المسلمون فيدينون بآلاف من الآلهة أكثرها جذوع أشجار ، وجثث أموات، وقطع أحجار، من حيث لا يشعرون.

كثيرا ما يضمر الإنسان في نفسه أمرا وهو لا يشعر به، وكثيرا ما تشتمل نفسه على عقيدة خفية لا يحس باشتمال نفسه عليها، ولا أرى مثلا لذلك أقرب من المسلمين الذين يلجئون في حاجاتهم ومطالبهم إلى سكان القبور، ويتضرعون إليهم تضرعهم للاله المعبود، فإذا عتب عليهم في ذلك عاتب قالوا إنا لا نعبدهم، وإنما نتوسل بهم إلى الله، كأنهم لا يشعرون أن العبادة ما هم فيه، وأن أكبر مظهر لألوهية الاله المعبود أن يقف عباده بين يديه ضارعين خاشعين، يلتمسون امداده ومعونته، فهم في الحقيقة عابدون لأولئك الاموات من حيث لا يشعرون.) اه.

5-وقال العلامة محمد هراس الأزهري -رحمه الله تعالى – في: [دعوة التوحيد: 71]: (ولقد كان الغلو في المشايخ وأدعياء الولاية من الأحياء أو المقبورين أوسع باب دخلت منه هذه الأمة إلى مراتع الوثنية، فكلها إلا من عصم الله محترق بنار هذه الفتنة التي استطار شرها وعم ضررها حتى شملت الصغار والكبار والرجال والنساء، والعالم والجاهل، حتى أن إماما من أئمتهم ألف في مدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم – قصيدة غلا فيها إلى حد أن يقول:

فإن من جودك الدنيا وضرتها **** ومن علمومك علم اللوح والقلم

ويقول في بيت آخر:

يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به **** سواك عن حلول الحادث العمم

وهذا جاهل آخر من جهلائهم يقول في أحمد البدوي الموجود بطنطا:

كم أغنى محتاجا وأنحج قاصدا **** ظلاما واطلق كم صد عاني
من مثله تسعى الوفود لحيه **** كالبيت في كالحج آو الطوفان
إن تدعه صدقا أجاب بعزمه **** بحر الفتوة معدن العرفان) اه.

6- وقال – رحمه الله تعالى – في: [الحركة الوهابية: 15]: (ولهذا كان هدف الدعوة الأول هو القضاء على كل ما ينافي هذا التوحيد من مظاهر الشرك والوثنية التي كانت قد استشرت في العالم الإسلامي كله، واتخذت صورا متعددة، كعبادة الموتى ، والاستعانة بأصحاب الأضرحة، وتقديم النذور والقرابين لهم، والتبرك بالأحجار والأشجار والمغارات، والاعتقاد في السحر والتنجيم والعرافة وأنواع الشعوذة.

فجدت الدعوة في القضاء على ذلك كله، بإزالة ما كان الناس يفتنون به من القبور والحجارة، ثم ببيان حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وبيان الأمور المنافية له.) اه.

7-وقال محمد جلال كشك -رحمه الله تعالى- في: [السعوديون والحل الإسلامي: 180]: ((وقد رجع الجند المنهزمون إلى القاهرة: ((وهم في أسوأ حال من الجوع، وتغير الألوان وكآبة المنظر والسحن، ودوابهم وجمالهم في غاية العي ، ويدخلون المدينة في كل يوم)).

وكما هي العادة في كل جيش مهزوم، يصبح الفشل يتيما، يتبرأ من مسئوليته الجميع، ويتبادل القادة التهم حول من المتسبب في الهزيمة: ((طفقوا يتهم بعضهم البعض في الانهزام، فتقول الخيالة سبب هزيمتنا القرابة، وتقول القرابة العكس)).

أما الجبرتي الذي كان قد انحاز بكل وضوح إلى جانب الوهابيين، ليس فقط نكاية في خصمه ((محمد علي)) بل عن إعجاب بتفكيرهم، وربما داعبه الأمل، في أن يكونوا هم ((المهدي المنتظر)) بالمعنى الحركي لا العجائبي، الذي يحرر هذه الأمة، ويعيدها إلى مجدها الذي تستحقه بدينها..رفض الجبرتي هذه التفاسير ((العسكرية)) وراح يفتش عن سبب أعمق للهزيمة، فأقام من نفسه لجنة لتقصي الحقائق فأثبت الآتي: ((حدثني بعض أكابرهم من الذين يدعون الصلاح والتورع قالوا: ((أين لنا بالنصر، وأكثر عساكرنا على غير الملة، وفيهم من لا يتدين بدين، ولا ينتحل مذهبا، وصحبتنا صناديق المسكرات، ولا يسمع في عرضينا أذان ولا تقام به فريضة، ولا يخطر في بالهم ولا خاطرهم شعائر الدين. والقوم، إذا دخل الوقت أذن المؤذنون، وينتظمون صفوفا خلف إمام واحد بخشوع وخضوع، وإذا حان وقت الصلاة والحرب قائمة، أذن المؤذنون وصلوا صلاة الخوف فتتقدم طائفة للحرب، وتتأخر الأخرى للصلاة، وعسكرنا يتعجبون لأنهم لم يسمعوا به، فضلا عن رؤيته، وينادون في معسكرهم: هلموا إلى حرب المشركين، المحلقين الذقون ، المستبيحين الزنا واللواط، الشاربين الخمور، التاركين الصلاة، الآكلين الربا، القاتلين الأنفس، المستحلين الحرمات. وكشفوا عن كثير من قتلى العسكر (العثماني) فوجدوهم غلفا غير مختونين، ولما وصلوا بدرا واستولوا عليها وعلى القرى والخيوف وبها خيار الناس، وبها أهل العلم والصلحاء، نهبوا وأخذوا نساءهم وبناتهم، وأولادهم وكتبهم، فكانوا يفعلون فيهم ويبيعونهم من بعضهم لبعض، ويقولون هؤلاء الكفار الخوارج، حتى اتفق أن بعض أهل بدر الصلحاء طلب من بعض العسكر زوجته، فقال له تبيت معي هذه الليلة، وأعطيها لك في الغد)).) اه.

فهؤلاء هم المسلمون الذين كفرهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى – وأتباعه على الحق، وسفكوا دماءهم، بعد أن دعوهم إلى التوحيد ونبذ التنديد، ليلا ونهارا سرا وجهارا، فجعلوا {أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا}، فعند ذلك جرد فرسان الدعوة الإسلامية سيف الحق ولبسوا لأمة الحرب {حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}.

ولاشك أن ذلك كفر بواح، وشرك صراح، لا يمتري فيه اثنان، ولا ينتطح فيه كبشان.

فهل يقول بإسلام هؤلاء من استضاء بنور القرآن، أو ينطق بمثله من آمن بالله الواحد المنان؟!

لقد تخرط ( [20] ) حاتم العوني في الأمر، فليس له فيه خابط ولا ناطح.

وبهذا أيضا يعلم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى – لم يتفرد بتكفير أكثر المسلمين – كما يزعم حاتم العوني –
******************

وهناك وجوه كثيرة لكن فيما ذكر كفاية لمن طلب الحق وتزين بالعدل.

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل، واجعلنا للمتقين إماما.

هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على خير من أرسل وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه: أبو الحسين / الصباحي يونس بن محمد
في مملكة البحرين حرسها الله تعالى
21 / شعبان / 1437 ه

 

 

([1]) : أولعت به وثابرت عليه.

([2]) : الكلام.

 : ([3]) صوت الصياح.

([4]) : قبيحة.

([5]) : شنيعة.

[6] )) : معوجة.

[7] )) : عامة الناس.

([8]) : السفل من الناس.

[9] ) ): مأوى.

[10] ) ): أسد.

([11]) : مزخرف (2) : والمبوق: الباطل.

( [12] ) : [الدرر السنية: 1/467].

[13] ) ): هكذا في الدرر السنية.

( [14] ): هكذا في الدرر.

( [15] ): هكذا في الدرر.

[16] ) ): هكذا في الدرر.

[17] ) ): هكذا في الدرر السنية.

[18] ) ): هكذا في الدرر السنية.

[19] ) ): هكذا ولعلها: (القبوريين) والله أعلم.

( [20] ) : ركب فيه رأسه من غير علم ولامعرفة.

أضف تعليق