💢لا تصدق كل ما يقال عن ولاة الأمر 💢

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فقد كثر في هذا الزمان الطعن على ولاة الأمر وذكر المنكرات التي يفعلونها، وكثير منها مما لازمام له ولا خطام، وأحاديث زخرفت بزخارف الغيرة على الدين وطلبا لرضا رب العالمين، وهي طوبليات يقصد بها غير ظاهرها بل ظاهرها الغيرة والمصلحة وباطنها الحقد والشهوة، فينبغي على المسلم الغيور وطالب النجاة من نار الدنيا والآخرة أن يتريث فلا يتسرع ويندفع في قبولها ونشرها، وسأضرب مثالا عظيما من كلام أحد أئمة الدعوة وعلمائها الذين يدعي كثير ممن ينشر تلك الأكاذيب والإفتراءات ويدق لها طبول الخروج والثورات في وسائل الإعلام المختلفة والتواصل الحديثة؛ حتى يظهر جليا أن منهج أئمة الدعوة في معاملة السلطان: هو منهج السلف الصالح حذو القذة بالقذة، لم يشذ عنه قدار أنملة، وأن ما يصنعه دعاة المحنة والفتنة في هذا الوقت هو بعينه ما صنعوه في زمن أئمة الدعوة وفي كل زمان ومكان. فهم أخدع من ذئب وأروغ من ثعلب وأحقد من جمل وأحمق من نعامة؛ لأنهم ضيعوا الدين والدنيا فلم يكسبوا أجرا ولا أجرة.

قال العلامة حمد بن عتيق – رحمه الله – كما في: ((الدرر السنية: ٤٧/٩)) دفاعا عن الإمام عبدالله وردا على أخيه الإمام سعود الذي طعن في الإمام عبدالله: ((بسم الله الرحمن الرحيم

من حمد بن عتيق، إلى الإمام سعود، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد: وصل إلي خطك وتأملته، وكثرت الظنون فيه، حتى إني ظننت أن الذي أملاه غيرك، لأن فيه أمورا ما تصدر من عاقل، وفيه أكاذيب ما تليق بمثلك)) إلى أن قال – رحمه الله تعالى -: ((وأما جراءتك في حق أخيك، مثل قولك: إن عبد الله أفسد أديان الناس، فهذا كلام مستبشع، لايحل التلفظ بمثله، وحرص عبد الله على صلاح دين الناس ودنياهم أمر معلوم.

وأما الذين هلكوا في المعتلى، فنرجو أن من صلحت نيته منهم شهيد، ولم يموتوا إلا بآجالهم، ونرجو لهم عند الله، لأنهم قتلوا تحت سيف ابن سريعة، ونحوه من الطواغيت.

وأما دعواك على أخيك: فعل كذا وكذا، فلو كان صدقا لم يوجب خروجك عليه، وشق عصا المسلمين، لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث، أنه يجب على المسلم السمع والطاعة، وإن ضرب ظهره وأخذ ماله؛ وأنت لم يضرب لك ظهر، ولا أخذ لك مال، فإن كان الذي حملك على ما فعلت: الطمع في بيت مال المسلمين، واستقلالك ما تأخذ منه، فهذا من العدوان الظاهر.

فإن بيت المال مشترك بين المسلمين، عامهم وخاصهم، مع أن أخاك ما قصر في عطائك، يعطيك أشياء لاتستحقها، فإن الواحد منكم كأنه واحد من المسلمين، وما يفعله كثير كم من الملوك، من تفضيل أقاربهم، قد أنكره السلف، وعمل أئمة العدل يخالفه؛ وقد بلغك: أن عمر بن الخطاب نقص ابنه عبد الله عن عطاء المهاجرين خمسمائة درهم.

فلو أن أخاك عاملك بما تقتضيه السنة، وما ذكره مثل شيخ الإسلام في السياسة الشرعية، لم يكن لك عليه حجة، ولكان أحرى بإعانة الله له عليك وعلى من خرج، فكيف وهو يحثو عليك وعلى أشباهك ما لا تستحقونه، والظاهر أن هذا ما يخفى عليك))اه‍.

١- فانظر أيها القارئ الكريم كيف صدر العلامة حمد بن عتيق – رحمه الله تعالى – خطابه ورسالته لسعود بقوله: ((وصل إلي خطك وتأملته، وكثرت الظنون فيه، حتى إني ظننت أن الذي أملاه غيرك، لأن فيه أمورا ما تصدر من عاقل، وفيه أكاذيب ما تليق بمثلك)) قال أكاذيب!!

ومن هذه الأكاذيب قول سعود في حق أخيه الإمام عبدالله: ((إن عبد الله أفسد أديان الناس، فهذا كلام مستبشع، لايحل التلفظ بمثله، وحرص عبد الله على صلاح دين الناس ودنياهم أمر معلوم))!!

وهذا ما نسمعه من دعاة الخروج والثورات في هذه الأيام فما أشبه الليلة بالبارحة.

٢- وتأمل إشارة العلامة حمد بن عتيق إلى الدافع الحقيقي لما فعله سعود من الطعن على أخيه الإمام عبدالله والسعي في عزله وثلم عرشه، وهو قوله – رحمه الله تعالى -: ((فإن كان الذي حملك على ما فعلت: الطمع في بيت مال المسلمين، واستقلالك ما تأخذ منه، فهذا من العدوان الظاهر)) ثم بين وجه الحق في ذلك وكشف الشبهة بقوله – رحمه الله تعالى -: ((فإن بيت المال مشترك بين المسلمين، عامهم وخاصهم، مع أن أخاك ما قصر في عطائك، يعطيك أشياء لاتستحقها، فإن الواحد منكم كأنه واحد من المسلمين، وما يفعله كثير كم من الملوك، من تفضيل أقاربهم، قد أنكره السلف، وعمل أئمة العدل يخالفه؛ وقد بلغك: أن عمر بن الخطاب نقص ابنه عبد الله عن عطاء المهاجرين خمسمائة درهم.

فلو أن أخاك عاملك بما تقبضيه السنة، وما ذكره مثل شيخ الإسلام في السياسة الشرعية، لم يكن لك عليه حجة، ولكان أحرى بإعانة الله له عليك وعلى من خرج، فكيف وهو يحثو عليك وعلى أشباهك ما لا تستحقونه، والظاهر أن هذا ما يخفى عليك))اه‍.

إلى آخر ما ذكره – رحمه الله تعالى – في تلك الرسالة النفيسة العظيمة، فحري بطلاب العلم والعامة أن يطلعوا عليه ويتأملوا كلماتها؛ فإن فيها بيان منهج أئمة الدعوة في معاملة السلطان، ورد كثير من شبه شياطين الثورات في هذا الزمان، ودعاة الباطل الذين يطلون برؤوس البدع وزعزة أمن المسلمين بين الفينة والأخرى، ويسعون في تدمير قوتهم، وتخلفهم عن ركب التقدم والرقي.

خصوصا بلاد التوحيد ومهبط الوحي ومعقل أهل السنة والجماعة في هذا العصر المملكة العربية السعودية – حرسها الله من كيد الأشرار ومكر الفجار-.

اللهم احفظ بلاد المسلمين من شر المفسدين ووفق ولاة أمورهم لما تحب وترضاه.

✒️كتبه:

يونس بن محمد الصباحي مملكة البحرين ٧ رجب ١٤٤٤ه‍

فائدة لباب ما جاء في التطير من كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

قال العلامة أحمد الكوراني الرومي – رحمه الله – في: ((الكوثر الجاري: ٣٢٣/٩)): شرحا لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسه الحبرة.

قال الكوراني: ((وإنما كان أحب لأن فيها الخضرة، والأخضر لباس أهل الجنة، وهي برود يمانية، أو لأنها تحمل الوسخ، أو لاشتقاق لفظها من الحبور وهو السرور، وكان يعجبه الفأل))اه‍. الشاهد من كلامه رحمه الله قوله: ((أو لاشتقاق لفظها من الحبور وهو: السرور، وكان يعجبه الفأل)).

حزم الملك عبدالعزيز في موجهة الشرك

قال العلامة تقي الدين الهلالي – رحمه الله – في: ((الدعوة إلى الله: ١٦٠)): ((وفي يوم من الأيام جاء الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه إلى المسجد الحرام فوجد الشيخ حبيب الله والسيد أحمد السنوسي يملأن الأثر المسمى بموضع قدم إبراهيم بماء زمزم ويكرعان فيه بأفواههما كالبهائم فوبخهما، وقال لهما: إذا كنتما تفعلان هذا وأنتما بزعمكما من العلماء فماذا تركتما للجهال!!))اه‍.

وقال رحمه الله في: ((نفس المصدر: ١٦٠)) وهو يذكر مواقف مخزية للشيخ حبيب الله: ((وحدث أنه كان ذات ليلة في مجلس الملك عبدالعزيز آل سعود وكان الملك يتكلم عن التوحيد، فعارضه فغضب عليه الملك عبدالعزيز غضبا شديدا، فظن أن حتفه قد دنا فتقدم إلى الملك وألقى نفسه بين يديه وأظهر التوبة والرجوع عما قاله وإنما فعل ذلك خوفا أن يبطش به، ولم يكن الملك عبدالعزيز رحمه الله سريعا إلى البطش بل كان إذا غضب يقتصر على الكلام ولا يتجاوزه.

وعلى إثر ذلك أخذ زوجته إلى المدينة وتركها في بيت أخيه الشيخ محمد الخضر وهرب إلى مصر. وكانت العلاقات بين مصر والمملكة السعودية في ذلك الزمان سيئة جدا…))اه‍.

رحم الله الملك عبدالعزيز لقد كان أسدا هصورا على كل من خالف التوحيد ونصر التنديد، لا يجامل ولا يحابي أحدا في مخالفة التوحيد والسنة، ولا تأخذه في ذلك لومة لائم.

رب برجالو!!

قال العلامة تقي الدين الهلالي المغربي – رحمه الله تعالى – في: ((سبيل الرشاد: ٨٣/٢)): ((وكذلك المشركون في هذا الزمان إذا قيل لهم: ادعوا الله وحده، وتوجهوا إليه، واتركوا أولياءكم؛ يقولون: (الله ورجاله)! وبعبارتهم الخاصة: (رب برجالو)! يعنون: أن الله لا يكفيهم ولا تقضى حاجتهم إلا إذا أشركوا به رجالا مخلوقين؛ فأف لهم!))اه‍

ولولا أن الله حكى ذلك عن المشركين وحكاه الثقات عنهم كالشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله لما صدق المسلم أن هذا الحضيض من الإعتقاد يقع فيه إنسان لا ينفك عن نعم الله ورحمته!!

صورة جميلة من تواضع الأئمة والعلماء

قال العلامة إسحاق بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ – رحمة الله عليهم – في: ((الأرجوزة المفيدة)) بعد كلامه على الإسلام والإيمان وهل هما بمعنى واحد أم بينهما فرق؟ قال:

وعلم مثلي قاصر عن جزمي أرجو إلهي أن يقوي فهمي

مع أنه رحمه الله من كبار علماء عصره، ومن أكثر العلماء تحقيقا لمسائل العقيدة وضبطا لها. وهذا من عظيم تواضعه، وهكذا ينبغي لطالب العلم أن يتواضع ولا يترفع مهما بلغ في العلم والفهم.

ولاحظ تضرعه إلى الله أن يقوي فهمه، وهذا فيه عدة فوائد:

١- منها: التبري من الحول والقوة إلا بالله.

٢- ومنها: التنبيه على مقصد من أهم المقاصد وهو الفهم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. فهي من أجل نعم الله على العبد، فمن رزق جودة الفهم وحسن القصد حلق في فضاء الكمالات وسبق إلى الجنات.