المجلس (٢) من التعليق على شرح مناسك الحج والعمرة للعلامة صالح الفوزان حفظه الله تعالى

♦️المجلس (٢) من التعليق على (شرح مناسك الحج والعمرة) للعلامة صالح الفوزان حفظه الله تعالى ♦️

🎙️يونس الصباحي 📽️

خطبة ((أحاديث المستقبل))

📜خطبة ((أحاديث المستقبل))📜

🎙️يونس الصباحي 🎥

ذم اللوطية

📃محاضرة جديدة ((ذم اللوطية))📃

🎙️يونس الصباحي 🎥

📕التعليق على القواعد الأربع للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مجلس واحد

📔التعليق على القواعد الأربع للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مجلس واحد📔

🎙️يونس الصباحي 🎥

الدفاع عن الشيخ إبراهيم بن حمد بن جاسررحمه الله تعالى

مقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنام والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن مما لا شك فيه أن كل متميز في العلم والفقه له حساد وأعداء، يحطون من قدره ويفترون عليه بما يكذبه الواقع وقرائن الأحوال، وهذا ليس أمراً جديداً، بل هو قديم بقدم النوع البشري، فهذا أبو البشر آدم – عليه السلام – حسده إبليس فمكر وتلطف؛ حتى أخرجه من الجنة.

• قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}[الأعراف: 11-12].
• قال الإمام ابن عطية – رحمه الله تعالى – في: ((المحرر: 3/469)): ((أول ما عصي الله بالحسد، وظهر ذلك من إبليس))اهـ.
• وقال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في: ((البدائع: 2/234)): ((الحاسد شبيه بإبليس، وهو في الحقيقة من أتباعه؛ لأنَّه يطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس، وزوال نعم الله عنهم، كما أنَّ إبليس حسد آدم لشرفه وفضله، وأبى أن يسجد له حسدًا، فالحاسد من جند إبليس))اهـ.
• وقال تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ}[البقرة: 36].
• قال في: ((الجلالين: 12)): (( (فأزلَّهما الشيطان) إبليس أذهبهما، وفي قراءة ـ فأزالهما ـ نحَّاهما (عنها) أي: الجنة بأن قال لهما: هل أدلُّكما على شجرة الخلد وقاسمهما بالله إنه لهما لمن الناصحين فأكلا منها (فأخرجهما مما كانا فيه) من النعيم (وقلنا اهبطوا) إلى الأرض أي أنتما بما اشتملتما عليه من ذريتكما (بعضكم) بعض الذرية (لبعض عدوُّ) من ظلم بعضكم بعضاً (ولكم في الأرض مستقرُّ) موضع قرار (ومتاع) ما تتمتعون به من نباتها (إلى حين) وقت انقضاء آجالكم.))اهـ.
واستمر هذا الحسد في البشرية فحسد أحد ابني آدم أخاه حتى قتله، وحسد أخوة يوسف أخاهم حتى ألقوه في غيابة الجب وفرقوا بينه وبين أبيه، وحسد الكفار نبينا – صلى الله عليه وسلم – وتآمروا عليه، وحُسد الإمامُ البخاري – رحمه الله تعالى – ورُمي بتهمة اللفظية، وهكذا استمر الحسد في هذه الأمة المحمدية، وممن وقع عليه داء الحسد وأنشب أهله مخالبه في عرضه:
الشيخ إبراهيم بن حمد بن عبدالله بن جاسر المتوفي سنة (1338هـ).
وقد دافع عنه العلامة عبدالله البسام – رحمه الله تعالى – في كتابه: ((علماء نجد خلال ثمانية قرون: 1/259)) عند ذكره لترجمته – رحمه الله تعالى -؛ ولذلك رأيتُ أن أكتب هذه الورقات دفاعاً عنه – رحمه الله تعالى -، وتنبيهاً على عدم الاغترار بتلبيس أهل الحسد والحقد، الذين يرمون أعراض الصالحين المصلحين بالعظائم.
وأسأل الله أن يجعل هذه الورقات في ميزان الحسنات يوم الوقوف بين يدي رب الأرض والسموات.

كتبه
أبو الحسين يونس بن محمد الصباحي
مملكة البحرين 8 ذو القعـــدة 1444هـ


ثناء العلماء عليه

وقبل الشروع في المقصود، من ذكر الفرية الخسيسة التي افتري بها على الشيخ إبراهيم – رحمه الله تعالى – وردها، يحسن أن أضع بين يدي القارئ الكريم ثناء العلماء على الشيخ – رحمه الله تعالى –؛ حتى يعلم أنه كان من أكابر العلماء والصلحاء. لقد أثنى عليه كبار علماء زمانه بسعة العلم والاطلاع، وقوة الحفظ والاستحضار، وعظم الورع.

• قال العلامة عبدالله البسام – رحمه الله تعالى – في: ((علماء نجد: 1/259)): (أثنى عليه كبار علماء زمانه بسعة علمه واطلاعه وحفظه واستحضاره وورعه)اهـ.
• قال الشيخ يوسف الهندي – رحمه الله تعالى -: (لم أر مثله في الاطلاع على الحديث إلا شيخي نذير حسين)اهـ.
• وقال العلامة محمد بن عبدالعزيز آل مانع – رحمه الله تعالى-: (إنه أعجوبة في سعة الاطلاع في التفسير والحديث)اهـ.
• وقال أيضاً: (إن الشيخ صالح العثمان آل قاضي يعجب من كثرة حفظه للحديث)اهـ.
• وقال الشيخ أمين الشنقيطي – رحمه الله تعالى -: (إنه أحفظ في الحديث من الشيخ شعيب المكي)اهـ.
• وقال أيضاً: (إنه أعلم وأحفظ من لقيت بالحديث)اهـ.
• وقال الشيخ محمد بن صالح البسام – رحمه الله تعالى -: (إني كنت أحضر دروسه العامة قبل صلاة العشاء، فكان يشرع في تفسير الآية ويورد في معناها من الأحاديث والآثار وكلام العرب شعراً ونثراً الشيء الكثير، وكان آية في علم الحديث رواية ودراية)اهـ.
• وقال عنه العلامة السعدي – رحمه الله تعالى -: إنه كان يستحضر ((شرح النووي على مسلم)).

وهذا الثناء بسعة العلم وقوة الحفظ والاستحضار والورع حلاه الشيخ إبراهيم – رحمه الله تعالى – بالعطف على الفقراء والمساكين ومواساة المعوزين، فلذلك كله صار محبوباً بين الناس، وشاع ذكره بين الصغير والكبير والغني والفقير.

• قال المؤرخ إبراهيم بن عبيد – رحمه الله تعالى -: (كان متواضعاً ذا عطف على الفقراء والمحتاجين، فكان يتصدق بما يجد، ويواسيهم من ضروراته مع قلة ذات اليد عنده)اهـ.
• قال العلامة البسام – رحمه الله تعالى – في: ((علماء نجد: 1/259)): (وما قاله الشيخ ابن عبيد عن المترجم هو المشهور عنه، والمتواتر من أعماله – رحمه الله -)اهـ.
• وقال في نفس المصدر: (وكما اشتهر بالعلم وسعة الاطلاع عُرف أيضاً بالعطف على الفقراء والمساكين ومواساة المُعوزين ولو بثوبه الذي يلبسه، فصار له بهذا محبة ومودة، وشاع له ذكر حسن وثناء طيب)اهـ.

الفرية والرد عليها

وبعد ذلك الثناء من أولئك الكبراء ندخل في صلب الموضوع وهو: الفرية التي افتري بها على الشيخ إبراهيم بن جاسر والرد عليها، فأقول وبالله أستعين:

• قال بعض الجهال والاعداء: “إن الشيخ إبراهيم بن جاسر متساهل في توحيد الألوهية، وفي تحقيقه!!”.

والرد على هذه الفرية من وجوه:
• منها: أن هذا كذب على الشيخ وافتراء؛ فإن نجداً بعد شروق شمس دعوة التوحيد والحق على يد الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله تعالى – صارت عقيدة أهلها واحدة، وهي تحقيق التوحيد بأنواعه الثلاثة:
1- الربوبية.
2- والألوهية.
3- والأسماء والصفات.
وابتعدوا عن البدع والخرافات والشركيات، التي كانت منتشرة قبل بزوغ فجر الدعوة السلفية.
• ومنها: أن الشيخ إبراهيم من أهل القرآن والحديث، وهم من أبعد الناس عن الاعتقادات الفاسدة، والمناهج الكاسدة، والتلوث بما تلوثت به الأمم الهالكة.
• قال العلامة عبدالله البسام – رحمه الله تعالى – في: ((علماء نجد خلال ثمانية قرون: 1/260)): ((ولذا لما شرع في القراءة على العامة بعد صلاة العصر في ((صحيح البخاري)) أشار عليه بعض أهل العلم من المتقدمين بالمذهب والفروع الفقهية بأن يبدل ((البخاري)) بمتن ((دليل الطالب))، فأخذ المترجم – يعني الشيخ إبراهيم – في البكاء والتعجب من هذه المشورة ومن صاحبها.))اهـ.
• ومنها: أنه – رحمه الله تعالى – لما دخل المسجد الحرام أيام الحكم العثماني، وجد فيه حلق الصوفية تُمارس بدعها وخرافاتها ؛ فسطا عليهم ضرباً بعصاه حتى فرقهم، ولم تمنعه غربته ولا إقرار حكومة البلاد لهذه الأعمال المبتدعة ولا تلك الخرافات المخترعة.
• قال العلامة البسام – رحمه الله تعالى – في: ((علماء نجد: 1/260)): ((فرفع أمره إلى أمير مكة المكرمة الشريف عون، فلما حضر وحقق معه عرف أن الصواب مع الشيخ، فمنع هذه الأعمال البدعية))اهـ.
وهذا من فوائد التوحيد وبركاته.
• ومنها: ما ذكره العلامة البسام – رحمه الله تعالى – في: ((علماء نجد: 1/260)) حيث قال – رحمه الله تعالى -: ((والدليل الرابع على صدقه: ما حدثني به الثقات من أقاربي ممن حضروا القصة الآتية:
قال: عُرض على المترجم إمامة وخطابة (جامع النقيب) في بلد الزبير براتب مُغر – قدره اثنا عشر جنيهاً – وكان في أمس الحاجة إليه، فذهب إلى الجامع المذكور ليراه ومعه بعض أفراد أسرتنا (آل بسام)، فدخل المسجد وتجول فيه، فرأى حجرة في مؤخرة المسجد، فسأل عنها فقالوا: إنها قبر بانيه، فخرج من المسجد مسرعاً، وقال: لا أصلي ولا فرضاً واحداً مأموماً، فكيف أصير فيه إماماً؟! هذا مع حاجته الماسة إلى راتبه.))اهـ.
• ومنها: أن دروسه في عنيزة غالبها في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم – رحمة الله عليهما -.
• قال العلامة البسام – رحمه الله تعالى – في: (( علماء نجد: 1/260)): ((وهي كتب لا يأنس بها ويحبها إلا محقق في عقيدته.
وقد حدثني أحد تلاميذه، وهو الشيخ عبدالرحمن السعدي، بعنيزة أنه كان يُدرس للطلبة في ((المنهاج)) لشيخ الإسلام ابن تيمية في بريدة، فقرأ القارئ أمام الدرس كلام المعارض – ابن المطهر – وأخذ القارئ يسرد أقواله في الرفض والضلال، فما انتبه الطلبة إلا على بكاء الشيخ ونشيجه وترحمه على شيخ الإسلام، فلما سكن قال: أيها الإخوة، لو لم يقيض الله لهذا الطاغية وأمثاله مثل هذا الإمام الكبير، فمن الذي يستطيع الرد والإجابة على هذه الحجج والشبهات، وهذا التأثر وقع منه غير مرة))اهـ.
• ومنها: قول العلامة البسام – رحمه الله تعالى – في: ((علماء نجد: 1/261)): ((الدليل السادس: ما حدثني به الوجيه الشيخ محمد حسين نصيف – رحمه الله – قال: جاءني الشيخ إبراهيم بن جاسر وطلب مني أن أذهب معه إلى الشريف الحسين بن علي، فقلت له: ما الغرض من ذلك؟ فقال: نريد أن نتكلم معه بأمرين: الأول: أن يخفف الضغط عن أهل نجد المقيمين في مكة وجدة. والثاني: ليزيل بعض الأعمال الشركية المنافية للشرع.
فقلت: إن الشريف الآن مُعاد لابن سعود وأخشى أن يبدر منه ما لا يحسن، فقال الشيخ: أنا لست الآن من المقربين عند ابن سعود، فقلت له: إن الشريف لا يعرف هذا فثنيته عن عزمه.))اهـ.
وبهذا تعلم أيها القارئ الكريم أن كثيراً من الكلام والتهم التي تُقال عن العلماء الراسخين والدعاة المصلحين:
هي عند التحقيق والتدقيق، كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا. فلا تلتفت إليها، ولا تكن وسيلة لنقلها ونشرها، فيوفيك الله حسابك يوم القيامة، فتندم في وقت لا ينفع فيه الندم، وقد كنت في مهل وسعة.

هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على خير من أرسل وعلى آله وصحبه أجمعين